لماذا نصوت بـ”نعم”
عندما نتوقف للحظات، لنفكر لماذا نزل الآلاف إلى الشارع في يوم 25 يناير؟ ولماذا لحق بهم الملايين في الأيام التالية؟
الإجابة ببساطة هي البحث عن الحرية، حرية اختيار ممثلي الشعب على جميع المستويات، حرية الشعب في اتخاذ القرار، وتحمل تبعاته، حرية الشعب في تقرير مصيره ورسم صورة المستقبل، حرية الشعب في إدارة شؤون الوطن.
على ضوء هذا الدافع الأساسي لثورة يناير، يمكننا التفكير في اختياراتنا في التصويت في الاستفتاء القادم على التعديلات الدستورية.
الإجابة بنعم، والموافقة على التعديلات، يعني ببساطة نزع السلطة من يد الجيش، وأخذها بيدنا نحن، نحن المجتمع المدني. حيث يقوم ممثلون عن الشعب بالإشراف على عملية إعداد الدستور الجديد الذي نرغب فيه جميعاً على السواء. وذلك بمشاركة جميع الهيئات المدنية، أو التيارات السياسية المدنية، كما ورد بوضوح في التعديلات الدستورية محل الاستفتاء.
بالمقابل، الإجابة بلا، ورفض التعديلات، يعني ببساطة أن الشعب يرفض أن يتحمل مسؤولية إدارة البلد. يرفض أن يتولى المجتمع المدني مسؤولية إدارة البلاد، ويفضل أن يستمر الجيش في تولي هذه المسؤولية، وهذا خطأ جسيم لعدد من الأسباب:
1) رفض التعديلات يعبر عن عدم رغبة الشعب في تحمل مسؤولية اتخاذ القرار، ورسم صورة المستقبل بإرادة شعبية. في حين أن هذا هو الهدف الأساسي من الثورة.
2) إدارة الدولة مهمة بالغة الأهمية، وهي لم تكن قط، ولن تكون أبداً مهمة القوات المسلحة. إنها عمل المجتمع المدني الذي يجب أن يدير نفسه، بعيدا عن الوصاية العسكرية. كما أن تورط الجيش في إدارة الحياة المدنية يفسد الجيش ويفسد الحياة المدنية.
3) الجيش لديه مهام أخرى، لا ينبغي أن ينشغل عنها، وهي حماية أمن مصر الخارجي. فلدينا التهديد الإسرائيلي وهو تهديد استراتيجي من جهة الشرق، ولدينا الأحداث المتصاعدة في ليبيا جهة الغرب، ولدينا السودان بما يتعرض له من انقسام واضطرابات في الجنوب، ولا يجب أن نغفل مسألة مياه النيل والمشاكل المثارة حولها، وهي تحتاج إلى دولة مستقرة قادرة على إدارة الحوار أو الصراع بشأن المياه.
4) لا يوجد بديل واضح. ما هي الخطة البديلة في حالة رفض التعديلات؟ من الذي سيقوم بوضع الدستور الجديد؟ ومن الذي سيختار الذين يقومون بوضع الدستور الجديد؟ وكيف نضمن أنهم يعبرون عن إرادة الشعب، إلا من خلال انتخابات؟
5) من الذي سيتولى إدارة البلاد؟ وإدارة الحياة المدنية وبناء العملية الديمقراطية؟ خلال فترة وضع الدستور ومناقشة مواده المختلفة. هل سنترك الأمر كله في يد المؤسسة العسكرية الدكتاتورية بطبيعتها؟ إن ترك بناء الديمقراطية في يد مؤسسة عسكرية دكتاتورية بطبيعة تكوينها، أمر يخالف أي منطق.
باختصار، نحن مهتمون بخطوة البداية وليس النهاية، بدستور لا يخلو من عيوب. بدلا من ترك الأمور في يد الجيش. أن نبدأ نحن المجتمع المدني في بناء ديمقراطيتنا بدلا من ترك الجيش ليقوم بهذه المهمة. وهو لا يملك الأدوات اللازمة لذلك. لقد سبق أن تركنا الجيش يقوم بهذا الدور في عام 1952، وكانت النتيجة هي “الديمقراطية” التي عايشناها خلال 60 عاماً مضت.
فهل نحن مستعدون لإعادة التجربة مرة أخرى، لأننا خائفون من تحمل المسؤولية؟
إننا عندما ننادي بالموافقة على هذه التعديلات، فإننا لا نتصور أنه دستور جيد، بل إننا نعرف نواقصه وعيوبه بوضوح، ولكننا نظن أنه يصلح نقطة بداية من أجل البدء، مجرد أرض نقف عليها أثناء البناء. لأنها توفر أمرين أساسيين في بناء الديمقراطية:
-
تحقق عملية انتخابات حرة ونزيهة، وهو المطلب الذي ناضلنا من أجله على مدي عشرين عاماً.
-
تضمن وضع دستور جديد، من خلال إجراءات واضحة، وخلال مدة زمنية محددة.
إن الخائفين من تحمل مسؤولية الحرية، لا يستحقون الحرية ولا يستحقون الاحترام. وليس من العدل أن يضحي الشهداء بدمائهم من أجل الحرية، ثم نهدرها نحن لأننا خائفون من تحمل هذه الحرية.
حسن كمال
ترجمة/ حسن مدني
Filed under: مصر،سياسة | Tagged: التعديلات الدستورية،الثورة المصرية،استفاء التعديلات الدستورية،ثورة مصر | 3 تعليقات »